30 مايو 2009

هل المصريين أغبياء ؟

هذا السؤال يعاودني و ينتابني بين الفينة و الأخرى ,سؤال مؤلم ممض , و المشكلة أن سببه يكون أكثر إيلاما منه .
يشتهر الشعب المصري بين شعوب المنطقة(بل و العالم) بأنه شعب فهلوي يجيد التعايش مع الكثير من الظروف الصعبة, و ربما كان هذا سبب من أسباب بقاءه حتى اليوم لكني أعتقد أن هذا السبب نفسه هو العلة و الداء الكامن في نفوس أبناء الشعب المصري إلا من رحم الله, و قليل ما هم
كلنا(أو لنقل أغلبنا) جرب التعامل مع الميكانيكي الفهلوي الذي ما إن تلتفت عنه حتى يغير لك شئ في سيارتك لم تكن تحتاج لتغييره أصلا بحجة أن (الكارتيرة بتنقط كهربا) و يقسم لك بأغلظ الأيمان أنه لم يغشك بل و ربما أرسلك بنفسك لشراء قطعة الغيار الجديدة التي سيركبها بيديه الكريمتين حتى يتجنب شبهة أكل الحرام
معظمنا جرب الجزار ذو الأوزان المنقوصة(متهيألي معظمنا هنا مناسبة أكتر لأن أغلبنا لا يشتري لحمة من الأصل) يديلك كيلو بدهنه و شغته و عضمه , و من ثم يقوم بتشفية و تنضيف الكيلو أمامك ليصبح وزن قطعة اللحم أو الكيلو الذي طلبته فقط 800-850 جرام أما ال150 جرام المتبقية فهي عليك و له.. طبعا لن أظهر نقصي و قلة إحتشامي و دونية أصلي بالنظر أو الإنتظار ل150 جم لحمة..رغم أنه سيستفيد منها و انه حرمني من باقي حقي..إيه رأيكم في الفهلوة و الشطارة ؟

ما سبق من تجارب عايشناها من الممكن أن نطلق عليه غش تجاري أو سرقة في الميزان أو استغلال..الى آخر تلك المسميات التي تصف جشع التجار و قلة أخلاقهم

لكن الجديد في مصر ذات السبعة آلاف سنة من الحضارة (في النصب و الفهلوة) هو فهلوة اليومين دول


الفلاح المصري الطيب أصبح رأسمالي جشع,ينتظر من الأرض الغلبانة( التي انعدم عنها التغذية و التجديد بفعل الطمي المتدفق من النيل العظيم) أن تنتج له عنبا بحجم البرتقال.. و مشمشا بحجم البطيخ.. و بطيخ عملااااااق بحجم....مش عارف بحجم إيه لكن سنستعير تسمية تجار سوق العبور و نسميه بطيخ مفتخر..

طبعا لن تستطيع أرضه العدمانة تغذية المحصول ..يلجأ الفلاح الطيب إلى المخصبات الزراعية.. و سواء بجهل أو بعلم.. و سواء بحسن نية أو سوءها فهو يضع كمية من المخصبات تكفي لتدمير كبد و كلاوي الشعب المصري بأكمله لكي تكبر زرعته و يزيد وزنها فتباع بسعر أحسن ..



انتهينا ؟ للأسف لا..فقد انتهى العهد السعيد للمخصبات و دخلنا العهد التعيس للهرمونات .. و الهرمونات أعزائي هي مركبات كيميائية خلقها الله في أجسامنا لتساعد في العمليات الحيوية للجسم.. و توجد بنسب معقولة.. و زيادتها أو نقصها عن النسب التي حددها الله في الجسم تعتبر حالات مرضية..





يستخدم الفلاح المصري الشاطر الفهلوي تلك الهرمونات النباتية (phytohormones ) لتحفيز النباتات على النمو السريع بحيث يمكن أن تنضج ثمار الطماطم في ليلة واحدة.. و تكبر ثمار الفلفل من حجم صغير جدا إلى حجم عملاق في ساعات معدودة (أو مع دودة ممكن برضه)



هذا النمو السرطاني لا يؤثر في النبات فقط بل في كل من يتناول هذا النبات من إنسان أو حيوان..و أعتقد أن تفسير إنتشار حالات سرطان الأطفال ليس عسيرا في ظل مثل هذه الظروف ..





-و تتعب نفسك ليه يا عم.. ما تاكل لحمة و خلاص؟(ده باعتبار توفر اللحوم و رخص أسعارها)


نيجي للحوم..الباشوات مربي الحيوانات يقومون بإطعام الأبقار و الجاموس علفا مكون من مواد نباتية مخلوطة بمكونات حيوانية لزوم البروتين و على رأي الممثلة في مسرحية المتزوجون : (علشان تسمن ..و تتخن.. و تربرب..و تبقلظ..) هذه المكونات لا تخلو(حسب كلام البعض ممن يعمل بتلك الصناعة) من دم و بقايا سمك و حيوانات ميتة و حاجات تانية يتم طحنها و فرمها جميعا لتكون علف البفرة الذكية ليك و ليها و كمان ليا..
الفراخ..حبوب منع الحمل تجعلها تكبر بشدة و تزداد حجما و وزنا.. و أعتقد أن مضارها معروفه و مشاهدة للجميع(ولاد و بنات)

و أخيرا زست..أقصد السمك..كنت أظنه الطعام الوحيد الذي نجا من المذبحة ,فهو الميتة الحلال و اللحم الطري..و علمت فيما بعد أنه يتم استيلاده (أو استبياضه "مش عارف تصريفها صح و لا لا") في مزارع سمكية.. و نظرا لأاني مجبر لا بطل فكنت باكله و كلي أمل أن المياه المستخدمة تكون مياة يعنيييييي... مش وحشة قوي..
لكن للأسف طلع نقبي على شونة (يعني طلع الحيطة اللي بخرم فيها مش حيطة بنك لا دي بتفتح على شونة غلال) فالمياه المستخدمة في المزارع السمكية هي مياه صرف بني ادميني.. و لم يكتفي السادة أصحاب المزارع بهذا بل استخدمو هرمونات جديدة تجعل الاسماك كلها ذكور (حيث أنها الأكبر حجما و الأسرع نموا) و للأسف أيضا هذه الهرمونات مسرطنة..
نرجع للفاكهة و الزراعة..تجد التاجر او الفلاح يستخدم مبيدات (قد تكون محرمة دوليا) لرش الذباب و الآفات التي تصيب محصوله.. و ليذهب المستهلك و أولاده للجحيم..المهم إني أبيع و أكسب..
قس على ذلك كل شئ من أول الموظف المرتشي إلى الوزير الخاين إلى العقل المدبر و الرأس المخطط الذي بحكمته يختاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااال علينا و الذي هو بالفعل مرآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآة حضارتنا










مصر الحضارة و العراقة و الشطارة


كله بيشتغل بالفهلوة




ما سبق كان استعراض سريع لبعض المصايب التي نشاهدها في بلادنا..و ليس الغرض من ذلك الندب و الشجب بل هناك سؤال يؤرقني و واجع مصاريني كل ما أفكر فيه.. يا ترى البني آدم اللي بيحط السموم دي في الأكل مش واخد باله إنه هو كمان ممكن يتسمم؟


مش واخد باله إنه لو كان منتج لحوم و هيمتنع عنها ,غيره منتج خضار هيسممه بخضاره؟
ليه مش واخدين بالنا إننا بندمر نفسنا بنفسنا و بنمارس نوع من الإنتحار الجماعي ؟
أليس هذا هو الغياء بعينه ؟أن تظن نفسك أذكى من في الأرض و تدمر نفسك و من حولك بذكاءك الخارق المدمر ؟
هوا مين قال إننا شعب ذكي..أنا أعتقد أن الشعب المصري من أغبى شعوب الأرض !!
هل ده فعلا إنتحار جماعي بسبب إكتئاب و يأس و إحباط إستقر في العقل الجمعي للشعب المصري من عدم تغير الأحوال ؟

أذكر أنني كنت أركب الأتوبيس الخاص بالشركة و كان السائق ينوي القيام بمخالفة ما.. فنبهته و أكدت عليه ألا يخالف و أنه من المخالف للشرع قبل القانون أن تخالف طريقة السير المتبعة لما في ذلك من تعريض النفس و الغير للخطر..كان رده انه ربما يكون حرام ..بس هوا مش حرام الطرق الوحشة دي؟ دي العربية هتتفشفش ؟

قلتله لو معترض على الطريق يبقى تطالب بحقك في طريق كويس..إنزل اتخانق مع العسكري او الظابط او حتى وزير الداخلية و وزير النقل و طالبهم بحقك.. لكن ما تخالفش و تعرض نفسك و غيرك للموت .و طبعا عارفين النتيجة ..

من فترة أصيب السخان العزيز بعطل.. و كانت هذه هي المرة الثانية خلال شهور قليلة من شراؤه التي يتعطل فيها.. و للأسف كان ظابط نفسه على موعد الخروج من الضمان,إتصلت بالشركة المصنعة و حضروا بالفعل و بعد فك و تركيب سهل و بسيط و حتة(هُفة كده) من الفني عاد السخان يعمل..و أخبرني أن العيب في الثرموستات و ينبغي أن يغير..جادلت معه أن هذه هي المرة الثانية التي يتعطل فيها و كان ينبغي أن يتم تغييره في وقت الضمان....و كلام كتييييير..المهم وسط الكلام بقوله مانا مش عاوز كل شهرين تلاتة الاقي السخان يبوظ.. فالأخ المصري المؤمن قالي إيه؟

قالي هوا حد ضامن عمره يا أستاذ ؟

كانت هذه الكلمة بمثابة القشة التي قصمت ظهري..صرخت فيه..يعني الإيمان و التقوى ظهرو و بانو دلوقتي؟ ما ظهروش ليه و انتا بتصنع سخان رديئ؟

ما ظهروش ليه و انت بتبيعه و هوا ردئ بدون ما تبين عيبه؟

ما ظهروش ليه و انت بتصلحه المرة الأولى وكان المفروض تغيرلي الجزء المعيب ؟

ليه يا مصري كده ؟
ليه نقتل بعض بإيدينا؟
ليه تسرقني و اسرقك؟
ليه تمرضني و امرضك ؟
ليه مانطالبش بحقنا بدل ما ناخده سرقة من بعض ؟

هناك 5 تعليقات:

د/على خميس يقول...

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخى الكريم
أنا لم أقرأ بعد مقالك و لكن سأقرأه مساءا إن شاء الله ... يجب أن أذهب إلى العمل الآن
و لكنى قرأت تعليقك عند الأخت ستيتة
و أبيت إلا أن أذكرك بحديث لسيدنا النبى صلى الله عليه و سلم:
من قال هلك الناس فهو أهلكم

يعنى هو أشدهم هلاكا و أنه هو الذى أهلكهم بقوله هذا

إن شاء الله يكون لى تعليقات و كلام و مناقشات معاك أكثر

سامحنى على هذه المداخلة السريعة

بارك الله فيك
تقبل تحياتى

ومازلتُ أتعلم يقول...

السلام عليكم ياأخى
المصريين مش اغبياء
لو اغبياء ماكنوس عرفوا الفهلوة زى ماقلت
المصريين زى اذكياء
بس بتمتعوا بكسل رهيب والرغبة فى تحقيق
كل شئ بدون تعب
وده عيبنا اننا معندناش دفعة لقدام ولا حاجة تحركنا
مقاللك رائع ياأستاذى

تقبل مرورى

طائرٌ حر يقول...

الاخ الكريم..
بداية أشكرك على زيارة مدونتي المتواضعة التي أبثها (بعد الله) همومي و شجني و حزني و أسفي لحال بلدي..
أود أن أوضح شئ..أنا لم أقل هلك الناس و لا ما في معناه.. كل ما قلته كان وصف لما حدث و يحدث في مصر من ظواهر اجتماعية و تجارية و اخلاقية توشك على تدمير الوطن بمن فيه على رؤس من فيه ..

نقطة أخرى و هي أن الفهلوة غير الذكاء..فالذكاء هو تفكير قائم على استخدام (العقل) في عمل شئ مفيد
أما الفهلوة فهي تفكير قائم على كسب المال أو الخروج من مأزق بأي طريقة دون النظر لاعتبارات أخرى كالأخلاق و الدين .
و الفهلوة هنا لا تعتبر ذكاء ..هي تبدو ذكاء .. و لكنها هي الغباء بعينه..و الدليل كما كتبت هو استخدام المبيدات و المسرطنات و الهرمونات في الزراعة مع العلم أنها محرمة دوليا لتسببها في أمراض خطيرة.. و مع ذلك يصر الفلاح (الفهلوي) على وضعها..و يكون أول من يأكل منها و يتسرطن هو و أولاده لتراهم فيما بعد يفترشون الأرض أمام معهد الأورام يبكي و يقول ربنا ينتقم من اللي كان السبب. هل هذا ذكاء ؟

فني الإصلاح الذي يحاول إيهامك ان (الكارتيرة بينقط كهربا) و عندما يجد أنك فاهم و تنح و مش (لطخ) يحاول اللف و الدوران عليك بطرق كتيرة في محاولات يائسة بائسة مستميتة لسرقة فلوسك أو الخروج من مأزق أنك تتهمه بالسرقة (خاصة لو دقنه مترين و لسه مصلي العصر).. و النتيجة : أنت لن تستخدمه مرة أخرى.
أليس هذا من الغباء؟
التاجر الذي يكتب البضاعة المباعة لا ترد و لا تستبدل..هل ستفكر بالشراء منه ؟
كلها أمثلة تدلك على مقدار الفهلوة و (تفتيح الدماغ) الذي نعيشه و أعتبره لعنة الشعب المصري .

للأسف نحن لسنا على استعداد أن نطالب بحقنا في أي شيء لكن ممكن نلف و ندور و نتفهلو على بعض من أجل استعادة حقوقنا المسلوبة.. و لا أجد تفسير لذلك إلا أننا نلوم أنفسنا و الآخرين على أننا لم نتضامن و نتشارك للمطالبة بالحقوق, و هكذا نعاقب بعضنا بعضا.

أشاهد يوميا عدد كبير من الناس لظروف بعد عملي عن مقر سكني..و يكفي أن تعلم أني أسكن بالقاهرة الجديدة و أعمل بـ 6 أكتوبر و تستهلك الرحلة مني وقتا طويلا أستغل أغلبه في الفرجة و مشاهدة الوجوه و محاولة استقراء الأفكار ..و صدقني..الشعب المصري مصاب باكتئاب على مستوى المجموع..بل أكاد أؤكد أن ما يحدث هو محاولة انتحار جماعية بسبب اليأس من الحياة و من التغيير في ظل ظروف صعبة كالتي يعيشها هذا الشعب.

أعتذر بشدة إن كان كلامي ضايقكم.. ربما أعتبره نوعا من جلد الذات و ربما يكون نوعا من النقد الهادف للتغيير..
و في النهاية أقول كلمة مقتبسة من فيلم المصارع (Gladiator) :
إن أخطاءك كإبن هي فشلي كأب .

إن أخطاء الشعب المصري..ما هي إلا فشل الدعاة إلى الله و المصلحين .

اللهم اهدنا و اهد بنا و اجعلنا سببا لمن اهتدى

ستيتة يقول...

اولا احييك على البوست الطويل العريض ده
اللي مليان هموم حقيقية
وشكوى لله
ووجع قلب
قلبي مش قلبك

اتفق معاك جملة وتفصيلا
وساعات زيك اتعجب مثلا اللي بيحط فورمالين في اللبن علشان ميفصلش وبيعمل منه جبنة هل هو واثق انها مش ها تلف وتروح بيته

وساعات بجد اجابات للفساد اللي عم الأرض ده كله

اول اجابة ان الناس باعت الآخرة ونسيتها
باعوا الخلود بخمسين ستين سنه
غباء


وساعات اقول الجعان لو قلت له فيه خضار ايزيس بخمسة جنيه الكيلو
وخضار مرشوش بجنيه
ها ياخد ابو جنيه "ده لو معاه الجنيه اصلا" ويقول عيشني النهاردة وموتني بكره
وفي نفس الوقت هو ميعرفش انه ها يروح يعالج كبده وكليته بمئات الآلاف من الجنيهات

هي فعلا حالة اكتئاب وبكاء عامة للمصريين

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجت وكنت اظنها لا تفرج

طائرٌ حر يقول...

الأخت الفاضلة ستيتة

حالات الفساد كثيرة و تستعصي على الإحصاء..و سببها كما قلتي..أننا نسينا الآخرة و بعناها ب50-60 سنة في الدنيا..نسأل الله أن يصلحنا و المسلمين
أشكرك على المرور